تمثيلات لنبوّ قلوبهم عن تقبل الحق واعتقاده، كأنها في غلف وأغطية تمنع من نفوذه فيها، كقوله: ﴿وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ﴾ [البقرة: ٨٨]؛ ومج أسماعهم له كأن بها صممًا عنه، ولتباعد المذهبين والدينين كأن بينهم وما هم عليه وبين رسول الله ﷺ وما هو عليه حجابًا ساترًا وحاجزًا منيعًا من جبل أو نحوه، فلا تلاقي ولا ترائي. ﴿فَاعْمَلْ﴾ على دينك ﴿إِنَّنا عامِلُونَ﴾ على ديننا، أو: فاعمل في إبطال أمرنا، إننا عاملون في إبطال أمرك. وقرئ: (إنا عاملون). فإن قلت: هل لزيادة ﴿مِنْ﴾ في قوله: ﴿وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ﴾ فائدة؟ قلت: نعم؛ لأنه لو قيل: وبيننا وبينك حجاب: لكان المعنى: أن حجابًا حاصل وسط الجهتين، وأما بزيادة ﴿مِنْ﴾ فالمعنى: أن الحجاب ابتدأ منا وابتدأ منك،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أذنه تقر وتوقر، والوقر بالكسر -الحمل للحمار والبغل. وقد أوقرته، ونخلة موقر وموقرة، والوقار السكون. وفلان ذو قرة.
قوله: (ومج أسماعهم) عطف على قوله: "نبو قلوبهم" وأما قوله: "حاجزًا منيعًا من جبل أو نحوه، فلا تلاقي ولا ترائي" فلدلالة التنكير في "حجاب"، ونحوه قال الشاعر:
له حاجب في كل أمر يشينه
وزيادة من قوله: "كأن بينهم وما هم عليه" قيل: الوجه أن يجعل الواو بمعنى "مع" لئلا يلزم العطف على المضمر المجرور من غير إعادة الجار، ويحمل الواو "في" وبين رسول الله وما هو عليه "مع" أيضًا وإن كان العطف صحيحًا؛ لئلا يفرق الحكم بين القرينتين، ويجوز العكس لتوافق قوله هل لزيادة "من" فائدة؟ ليست هذه الزيادة مثل قولك: ما جاءني من أحد؛ لأنها في الإثبات، بل المراد أن المعنى كان يحصل بدونها كما قدره.
قوله: (أن الحجاب ابتدأ منا وابتدأ منك)، الانتصاف: مقتضى كلامه أن يكون