إنكارًا لأن يكون الأمر على خلاف ما قدّم؛ من إنزاله الكتاب، وخلقه قرآنًا عربيًا، ليعقلوه ويعملوا بمواجبه.
و﴿صَفْحًا﴾ على وجهين؛ إما مصدر؛ من: صفح عنه: إذا أعرض، منتصب على أنه مفعول له، على معنى: أفنعزل عنكم إنزال القرآن وإلزام الحجة به إعراضًا عنكم، وإمّا بمعنى الجانب؛ من قولهم: نظر إليه بصفح وجهه وصفح وجهه، على معنى: أفننحيه عنكم جانبًا، فينتصب على الظرف، كما تقول: ضعه جانبًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وخلقه قرآنًا عربيًا): يريد: أن "جعل" في قوله: ﴿إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًا﴾ بمعنى: خلق، وربما تعذر له حين فسره في مقامه بمعنى الخلق، لكن إعادته هنا بمجرد التعصب والتبجح لمذهبه، هذا عند أهل الأصول سهل؛ لأنهم يوافقونهم في الحروف المتوالية والكلمات المتعاقبة، ونحن -معاشر السنة- نقتفي آثار السلف الصالح في الإمساك عن أمثال هذه الجرأة، وبذل الجهد في تعظيم جانب كلام الله المجيد، لاسيما وقد وضع ﴿الذِّكْرَ﴾ موضع الضمير، والمقام يقتضي التفخيم لقوله: ﴿وإنَّهُ فِي أُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾.