فقيل: تركبونه. ﴿عَلى ظُهُورِهِ﴾ على ظهور ما تركبونه، وهو الفلك والأنعام.
ومعنى ذكر نعمة الله عليهم: أن يذكروها في قلوبهم معترفين بها مستعظمين لها، ثم يحمدوا عليها بألسنتهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتعدي" ليس محررًا، فإن الفعل المتعدي إلى "الفلك" هو المتعدي إلى "الأنعام"، غير أن العرب خصته في بعض مفاعيله بواسطة، والاختلاف في آلات التعدي أو في عدد المفاعيل لا يوجب اختلاف المعنى، فالفعل الواحد يعدونه تارةً ويقصرونه أخرى، نحو "شكرت" وأخواتها، ويجعلون الأفعال مترادفة وإن اختلفت متعلقاتها، ويجعلون "علم" وإن تعدى إلى مفعولين مرادفًا لـ "عرف" المتعدي إلى واحد، فالأولى أن يقال: تقديره: وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون فيه، أو يقال: غلب أحد اعتباري الفعل على الآخر، وهو أسهل من التغليب". قلت: ليس غرض المصنف من التغليب هاهنا إلا هذا المعنى.
قوله: (ثم يحمدوا عليها بألسنتهم): فإن قلت: كيف دل قوله: ﴿ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ﴾ على قول الحمد؟ قلت: من حيث أن استحضار النعمة موجب للشكر، وفي العدول من "تحمدوا" إلى ﴿تَذْكُرُوا﴾ تصوير حالة كون المركوب مذللًا منقادًا، وأنه لولا تمكين الله لم يتمكن منه، وكذلك قرن به كلمة التعجب وهو قوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا﴾، وفي لفظ ﴿هَذَا﴾ مزيد تقرير لمعنى التعجب.


الصفحة التالية
Icon