وهو أنه ﴿يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ﴾، أي: يتربى في الزبنة والنعمة، وهو إذا احتاج إلى مجاثاة الخصوم ومجاراة الرجال، كان غير مبين، ليس عنده بيان، ولا يأتى ببرهان يحتج به من يخاصمه؛ وذلك لضعف عقول النساء ونقصانهنّ عن فطرة الرجال، يقال: قلما تكلمت امرأة فأرادت أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها.
وفيه: أنه جعل النشء في الزينة والنعومة من المعايب والمذام، وأنه من صفة ربات الحجال، فعلى الرجل أن يجتنب ذلك، ويأنف منه، ويربأ بنفسه عنه، ويعيش كما قال عمر رضي الله عنه: "اخشوشنوا واخشوشبوا وتمعددوا"،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأقحمت الهمزة بين المعطوفين لمزيد الإنكار الذي يعطيه معنى الهمزة في ﴿أَمِ﴾ المنقطعة، والجملة الشرطية معترضة لتأكيد المنكر.
قوله: (ويربأ بنفسه عنه): أي: يرفع، الأساس: "إني لأربأ بك عن الأمر، أي أرفعك عنه، ولا أرضاه لك".
قوله: (اخشوشنوا): النهاية: "اخشوشن الشيء: مبالغة في خشونته، واخشوشن: إذا لبس الخشن- واخشوشب الرجل: إذا كان صلبًا خشنًا في دينه وملبسه ومطعمه وجميع أحواله-، ومنه حديث عمر رضي الله عنه: اخشوشنوا".
قوله: (وتمعددوا): النهاية: "يقال: تمعدد الغلام: إذا شب وغلظ، وقيل: أراد تشبهوا بعيش معد بن عدنان، وكانوا أهل غلظ وقشف، أي: كونوا مثلهم ودعوا التنعم وزي العجم، ومنه حديثه الآخر: "عليكم باللبسة المعدية"، أي: خشونة اللباس".


الصفحة التالية
Icon