[﴿أَمْ آتَيْناهُمْ كِتابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ ٢١ - ٢٢]
الضمير في ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ للقرآن أو الرسول، والمعنى: أنهم ألصقوا عبادة غير الله بمشيئة الله، قولًا قالوه غير مستند إلى علم، ثم قال: أم آتيناهم كتابًا قبل هذا الكتاب، نسبنا فيه الكفر والقبائح إلينا، فحصل لهم علم بذلك من جهة الوحي، فاستمسكوا بذلك الكتاب واحتجوا به؟ ! بل لا حجة لهم يستمسكون بها إلا قولهم: ﴿إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ﴾ على دين، وقرئ: "على إمة"، بالكسر، وكلتاهما من الأمّ وهو القصد، فالأمة: الطريقة التي تؤم، أي: تقصد، كالرحلة للمرحول إليها، والأمة: الخالة التي يكون عليها الآم وهو القاصد. وقيل: على نعمة وحالة حسنة.
﴿عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ خبر "إن"، أو الظرف صلة لـ ﴿مُهْتَدُونَ﴾.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلا يكون تمحلًا وتحريفًا؛ لأن قوله: ﴿لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم﴾ دليل على انقطاعهم من الحجة، وعلى بطلان مذهبهم، وظهور افترائهم، ونفي العلم عنهم آخرًا كالتتميم والتسجيل على السابق.
قوله: (قولًا قالوه): قيل: هو حال من واو "ألصقوا"، والظاهر أنه مفعول مطلق من معنى "ألصقوا" إلى آخره؛ لأنه تفسير لقوله: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم﴾، فيكون "قالوه" صفة لـ"قولًا".
قوله: (وقيل: على نعمة وحالة حسنة): قال القاضي: "قوله: ﴿وكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ﴾ الآية: تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ودلالة على أن التقليد في نحو ذلك ضلال قديم، وأن مقدميهم أيضًا لم يكن لهم سند منظور إليه، وتخصيص المترفين إشعار بأن التنعم هو الذي أوجب البطالة، وصرفهم عن النظر إلى التقليد".


الصفحة التالية
Icon