﴿يَوْمَ الْجَمْعِ﴾ يوم القيامة، لأنّ الخلائق تجمع فيه. قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾ [التغابن: ٩]، وقيل: يجمع بين الأرواح والأجساد. وقيل: يجمع بين كل عامل وعمله. و ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ اعتراض لا محل له.
قرئ: ﴿فَرِيقٌ﴾ ﴿وَفَرِيقٌ﴾ بالرفع والنصب؛ فالرفع على: منهم فريق، ومنهم فريق، والضمير للمجموعين، لأن المعنى: يوم جمع الخلائق، والنصب على الحال منهم، أي: متفرّقين، كقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾ [الروم: ١٤].
فإن قلت: كيف يكونون مجموعين متفرّقين في حالة واحدة؟ قلت: هم مجموعون في ذلك اليوم مع افتراقهم في داري البؤس والنعيم، كما يجتمع الناس يوم الجمعة متفرّقين في مسجدين، وإن أريد بالجمع: جمعهم في الموقف، فالتفرّق على معنى مشارفتهم للتفرّق.
[﴿وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ ٨]
﴿لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً﴾ أي: مؤمنين كلهم على القسر والإكراه، كقوله: ﴿وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ [السجدة: ١٣]،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روي عن المصنف أنه قال: " ﴿لِّتُنذِرُ أُمَّ القُرَى ومَنْ حَوْلَهَا﴾ عام في الإنذار بأحوال الدنيا والآخرة، ثم خص بقوله: ﴿وتُنذِرَ يَوْمَ الجَمْعِ﴾، أي: يوم القيامة، زيادة في الإنذار وبيانًا لعظم أهوال يوم القيامة؛ لأن الإفراد بالذكر يدل على هذا". وقلت: ولهذا أعاد ذكر الإنذار، وهو قريب من أسلوب قوله تعالى: ﴿وَمَلَائِكَتِهِ...... وَجِبْرِيلَ﴾ [البقرة: ٩٨].
قوله: (قرئ: ﴿فَرِيقٌ﴾ و ﴿فَرِيقٌ﴾ بالرفع والنصب): أي: فريق في الجنة وفريق في السعير، أو: فريقًا في الجنة وفريقًا في السعير، فالرفع مشهور، والنصب شاذ.


الصفحة التالية
Icon