وسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى﴾ [النبياء: ١٠١]، ونزلت هذه الآية.
والمعنى: ولما ضرب عبد الله بن الزبعرى عيسى ابن مريم مثلًا، وجادل رسول الله ﷺ بعبادة النصارى إياه، ﴿إِذَا قَوْمُكَ﴾ قريش، ﴿مِنْهُ﴾ من هذا المثل، ﴿يَصِدُّونَ﴾ ترتفع لهم جلبة وضجيج فرحًا وجزلًا وضحكًا بما سمعوا منه من إسكات رسول الله ﷺ بجدله، كما يرتفع لغط القوم ولجبهم إذا تعيوا بحجة ثم فتحت عليهم.
وأمّا من قرأ: "يصدّون" بالضم: فمن الصدود، أي: من أجل هذا المثل يصدّون عن الحق ويعرضون عنه. وقيل: من الصديد وهو الجلبة، وأنهما لغتان نحو: يعكف ويعكف، ونظائر لهما.
﴿وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ﴾ يعنون: أنّ آلهتنا عندك ليست بخير من عيسى، وإذا كان عيسى من حصب النار، كان أمر آلهتنا هينًا.
﴿ما ضَرَبُوهُ﴾ أي: ما ضربوا هذا المثل، ﴿لَكَ إِلَّا جَدَلًا﴾ إلا لأجل الجدل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ثم فتحت عليهم): النهاية: " وفي الحديث: "لا يفتح على الإمام"؛ إذا أرتج عليه في القراءة وهو في الصلاة، لا يفتح له المأموم ما أرتج عليه، أي: لا يلقنه".
قوله: (وأما من قرأ"يصدون" بالضم): نافع وابن عامر والكسائي، والباقون: بكسرها.
قال الزجاج: "الكسر أكثر، ومعناهما جمعيًا: يضجون. ويجوز أن يكون معنى المضمومة: يعرضون"، روى محيي السنة عن الكسائي: "هما لغتان، مثل يعرشون ويعرشون، وشد يشد ويشدً، ونم ينم وينم".