وقرئ: ﴿أآلهتُنَا خَيْرٌ﴾ بإثبات همزة الاستفهام وبإسقاطها؛ لدلالة "أم" العديلة عليها، وفي حرف ابن مسعود: "خير أم هذا"، ويجوز أن يكون ﴿جَدَلَا﴾ حالَا، أي: جدلين.
وقيل: لما نزلت: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٩]، قالوا: ما يريد محمد بهذا إلا أن نعبده، وأنه يستأهل أن يعبد، وإن كان بشرًا، كما عبدت النصارى المسيح وهو بشر.
ومعنى: ﴿يَصِدُّونَ﴾ يضجون ويضجرون، والضمير في: ﴿أَمْ هُوَ﴾ لمحمد صلى الله عليه وسلم، وغرضهم بالموازنة بينه وبين آلهتهم: السخرية به والاستهزاء.
ويجوز أن يقولوا - لما أنكر عليهم قولهم: الملائكة بنات الله، وعبدوهم -: ما قلنا بدعًا من القول، ولا فعلنا نكرًا من الفعل، فإنّ النصارى جعلوا المسيح ابن الله،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيضًا ملائكة، وهذا من باب رد القياس بالنص، كقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥].
قوله: (وقرئ: ﴿أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ﴾ بإثبات همزة الاستفهام): بالإثبات: السبعة، وبإسقاطها: شاذة.
قوله: (ويجوز أن يقولوا لما أنكر عليهم قولهم: الملائكة بنات الله، وعبدوهم): قوله"وعبدوهم" حال من الضمير المضاف إليه في"قولهم"، ومقول"يقولوا": "ما قلنا بدعًا"، وعلى هذا فاعل ﴿ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا﴾: ابن الزبعري، كما في الوجه الأول.
والحامل على ضرب المثل الرد على الكفرات الثلاث في قوله: ﴿وجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾ [الزخرف: ١٥] الآيات، وهو قوله: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾ [الزخرف: ١٦]، وقوله: ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾ [الزخرف: ١٩]، وقوله: ﴿مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الزخرف: ٢٠]، والآيات المتخللة في البين متصلات بعضها مع بعض بالأفانين المتنوعة.


الصفحة التالية
Icon