وإنما بعث ليبين لهم ما اختلفوا فيه مما يعنيهم من أمر دينهم.
﴿الْأَحْزابُ﴾ الفرق المتحزبة بعد عيسى عليه السلام، وقيل: اليهود والنصارى، ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وعيد للأحزاب. فإن قلت: ﴿مِنْ بَيْنِهِمْ﴾: إلى من يرجع الضمير فيه؟ قلت: إلى الذين خاطبهم عيسى في قوله: ﴿قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ﴾، وهم قومه المبعوث إليهم.
[﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَاتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَاكُلُونَ﴾ ٦٦ - ٧٣]
﴿أَنْ تَاتِيَهُمْ﴾ بدل من ﴿السَّاعَةَ﴾، والمعنى: هل ينظرون إلا إتيان الساعة. فإن قلت: أما أدى قوله: ﴿بَغْتَةً﴾ مؤدّى قوله: ﴿وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ فيستغنى عنه؟ قلت: لا، لأنّ معنى قوله: ﴿وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾: وهم غافلون لاشتغالهم بأمور دنياهم، كقوله تعالى: ﴿تَاخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾ [يس: ٤٩]، ويجوز أن تأتيهم بغتة وهم فطنون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الفرق المتحزبة بعد عيسى عليه السلام): الملكانية واليعقوبية والنسطورية.
قوله: (معنى قوله: ﴿وهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾: وهم غافلون): يعني: مجيء الشيء فجأة: ربما يكون مع الشعور به، وربما يجيء والشخص غافل، ويجوز أن يراد بـ ﴿لا يَشْعُرُونَ﴾: الإثبات، لأن الكلام وارد على الإنكار، كأنه قيل: هل تزعمون أنها تأتيهم بغتةً وهم لا يشعرون، أي: لا يكون ذلك، بل تأتيهم وهم فطنون.


الصفحة التالية
Icon