فيلقى على ألسنة الخلق مدحه، وعلى قلوبهم هيبته.
وقرئ: "يُفْرَقُ" بالتشديد، "ويُفْرَقُ كل" على بنائه للفاعل ونصب "كل"، والفارق: الله عزّ وجلّ، وقرأ زيد بن علي رضي الله عنه: "نفرق" بالنون.
كل أمر حكيم: كل شأن ذي حكمة، أي: مفعول على ما تقتضيه الحكمة، وهو من الإسناد المجازي؛ لأنّ الحكيم صفة صاحب الأمر على الحقيقة، ووصف الأمر به مجاز.
﴿أَمْرًا مِنْ عِنْدِنا﴾ نصب على الاختصاص، جعل كل أمر جزلًا فخمًا بأن وصفه بالحكيم، ثم زاده جزالة وكسبه فخامة بأن قال: أعنى بهذا الأمر أمرًا حاصلًا من عندنا، كائنًا من لدنا، وكما اقتضاء علمنا وتدبيرنا. ويجوز أن يراد به: الأمر الذي هو ضد النهي، ثم إما أن يوضع موضع "فرقانًا" الذي هو مصدر ﴿يُفْرَقُ﴾، لأنّ معنى الأمر والفرقان واحد؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فيلقى على السنة الخلق مدحه): وهو من قوله صلوات الله عليه: "إذا أحب الله العبد، نادى جبريل: أن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض"، أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة.
قوله: (وهو من الإسناد المجازي): قال الإمام: "الحكيم: ذو الحكمة، وذلك أن تخصيص الله كل أحد بحالة معينة من الرزق والأجل والسعادة والشقاوة في هذه الليلة: يدل على حكمة بالغة"، فأسند إلى الليلة، كقوله تعالى: ﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ [المزمل: ١٧].


الصفحة التالية
Icon