[﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ * وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ * وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾ ١٧ - ٢١]
وقرئ: "ولقد فتنا"، بالتشديد؛ للتأكيد أو لوقوعه على القوم. ومعنى الفتنة: أنه أمهلهم ووسع عليهم في الرزق، فكان ذلك سببًا في ارتكابهم المعاصي واقترافهم الآثام، أو: ابتلاهم بإرسال موسى إليهم ليؤمنوا، فاختاروا الكفر على الإيمان، أو: سلبهم ملكهم وأغرقهم.
﴿كَرِيمٌ﴾ على الله وعلى عباده المؤمنين، أو كريم في نفسه، لأنّ الله لم يبعث نبيًا إلا من سراة قومه وكرامهم.
﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ﴾ هي "أن" المفسرة، لأن مجيء الرسول من بُعِثَ إليهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ("فتنا" بالتشديد؛ للتأكيد أو لوقوعه على القوم): يريد: أنه على منوال المبالغة في قوله: ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [ق: ٢٩]، أي: "فعل" للتكثير، وهو إما بحسب ذنوبهم العظيمة، يعذبهم عذابًا شديدًا، أو بحسب كثرتهم، لوقوعه على كثيرين، فيوزع فيهم.
الراغب: نحوه: قتل الرجل وقتل القوم.
قوله: (أو كريم في نفسه): الأساس: "كرم فلان علينا كرامة، وله علينا كرامة، وأكرم نفسه بالتقوى، وأكرمها عن المعاصي، وهو يتكرم عن الشوائن، قال أبو حية:
ألم تعلمي أني إذا النفس أشرفت على طمع لم أنس أن أتكرما"
وقلت: وعليه قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: ٧٢].
قوله: (من بعث إليهم): نصب بنزع الخافض، أي: إلى من بعث إليهم.