﴿أَنَّ هؤُلاءِ﴾ بأن هؤلاء، أي: دعا ربه بذلك. قيل: كان دعاؤه: اللهم عجل لهم ما يستحقونه بإجرامهم، وقيل: هو قوله: ﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: ٨٥]، وإنما ذكر الله تعالى السبب الذي استوجبوا به الهلاك، وهو كونهم مجرمين.
وقرئ: "إنّ هؤلاء"، بالكسر؛ على إضمار القول، أي: فدعا ربه فقال: إن هؤلاء.
﴿فَأَسْرِ﴾ قرئ بقطع الهمزة؛ من أسرى، ووصلها؛ من سرى، وفيه وجهان: إضمار القول بعد الفاء؛ فقال: أسر بعبادي، وأن يكون جواب شرط محذوف، كأنه قيل: قال: إن كان الأمر كما تقول فأسر، ﴿بِعِبادِي﴾ يعني: فأسر ببني إسرائيل، فقد دبر الله أن تتقدموا ويتبعكم فرعون وجنوده، فينجي المتقدمين، ويغرق التابعين.
الرهو: فيه وجهان: أحدهما: أنه الساكن، قال الأعشى:
يمشين رهوًا فلا الأعجاز خاذلة.... ولا الصدور على الأعجاز تتّكل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قيل: كان دعاؤه: اللهم عجل): يعني: يجوز أن يكون دعاؤه هذا المذكور، وهو قوله: ﴿أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ﴾ على تقدير الباء، أي: دعا ربه بأن -يا رب- هؤلاء المشخصون المشاهدون تناهى أمرهم في الكفر غايته، فافعل بهم ما هم أهله، لأن الكافر إذا وصف بالإجرام كان متناهيًا في الكفر.
أو يكون الدعاء محذوفًا، والمذكور تعليلًا له، أي: عجل لهم ما يستحقونه؛ لأنهم قوم مجرمون، أو: ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا، أي: محنةً وبلاءً للقوم الظالمين؛ لأن هؤلاء قوم مجرمون، وإليه أشار بقوله: "وإنما ذكر الله تعالى السبب الذي استوجبوا به الهلاك"، أي: اكتفى بالسبب عن المسبب لظهوره، فأجاب الله دعاءه، وعزم على إهلاكهم، وقال له عليه السلام: "أسر بعبادي ليلًا".
قوله: (﴿فَأَسْرِ﴾ قرئ بقطع الهمزة): بالوصل: نافع وابن كثير، والباقون: بقطعها.
قوله: (يمشين رهوًا) البيت: والضمير في "يمشين" للإبل، "خاذلة": أي: تاركة، خذل