فقالوا: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى﴾، يريدون: ما الموتة التي من شأنها أن يتعقبها حياة إلا الموتة الأولى دون الموتة الثانية، وما هذه الصفة التي تصفون بها الموتة من تعقب الحياة لها إلا للموتة الأولى خاصة، فلا فرق إذا بين هذا وبين قوله: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا﴾ [الأنعام: ٢٨] في المعنى.
يقال: أنشر الله الموتى ونشرهم: إذا بعثهم.
﴿فَاتُوا بِآبائِنا﴾ خطاب للذين كانوا يعدونهم النشور؛ من رسول الله ﷺ والمؤمنين، أي: إن صدقتم فيما تقولون، فعجلوا لنا إحياء من مات من آبائنا بسؤالكم ربكم ذلك، حتى يكون دليلًا على أنّ ما تعدونه من قيام الساعة وبعث الموتى حق، وقيل: كانوا يطلبون اليهم أن يدعوا الله وينشر لهم قصيّ بن كلاب ليشاوروه، فإنه كان كبيرهم ومشاورهم في النوازل ومعاظم الشئون.
[﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ﴾ ٣٧]
هو تبع الحميري، كان مؤمنًا وقومه كافرين، ولذلك ذمّ الله قومه ولم يذمّه، وهو الذي سار بالجيوش، وحير الحيرة، وبنى سمرقند، وقيل: هدمها،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النافية قرنت بـ "إلا"- وإيقاعهم الضمير مبهمان ثم فسره بالخبر، على نحو قولهم: هي العرب تقول ما شاءت: الدلالة على أن هذا الكلام وارد على ما لا يوافق آراءهم من إثبات موتتين، فهم يحاولون إبطاله ورده إلى موتة واحدة ويهتمون بشأنه، ولا يصلح لذلك إلا ما اشتمل على هذه الموتة الموصوفة.
قوله: (كانوا يطلبون إليهم): أي: كانوا ينهون إليهم طالبين أن يدعوا الله.
وقوله: (وحير الحيرة): أي: ألفها ورتبها واتخذها مدينة تسمى: حيرة، كما يقال: مدن المدن، أي: بنى المدائن.