﴿مَنْ رَحِمَ اللَّهُ﴾ في محل الرفع على البدل من الواو في ﴿يُنْصَرُونَ﴾، أي: لا يمنع من العذاب إلا من رحمه الله، ويجوز أن ينتصب على الاستثناء، ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ﴾ لا ينصر منه من عصاه، ﴿الرَّحِيمُ﴾ لمن أطاعه.
[﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَاسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾ ٤٣ - ٥٠]
قرئ: "إنّ شجرت الزقوم" بكسر الشين، وفيها ثلاث لغات: شجرة، بفتح الشين وكسرها، وشيرة بالياء. وروي: أنه لما نزل: ﴿أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ﴾ قال ابن الزبعرى: إنّ أهل اليمن يدعون أكل الزبد والتمر: التزقم، فدعا أبو جهل بتمر وزبد، فقال: تزقموا، فإنّ هذا هو الذي يخوّفكم به محمد، فنزل ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعامُ الْأَثِيمِ﴾، وهو الفاجر الكثير الآثام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن ينصب على الاستثناء): قال أبو البقاء: " ﴿إلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ﴾ استثناء متصل، أي: من رحمه الله بقبول الشفاعة فيه". وفي "التيسير": ﴿إلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ﴾ أي: المؤمنين رحمهم الله، فإنهم يشفعون للمذنبين، وقيل: لكن من رحمه الله، فإنه لا يحتاج إلى قريب ينفعه، ولا إلى ناصر ينصره.
وقال مكي: " ﴿إلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ﴾: "من" في موضع رفع على البدل من المضمر في ﴿يُنْصَرُونَ﴾، أي: لا ينصر إلا من رحم الله، وقيل: هي بدل من ﴿مَوْلًى﴾ الأولى، أي: يوم لا يغني إلا من رحم الله، أي: لا يشفع إلا من رحم الله، وهذا دليل على جواز الشفاعة من المؤمنين للمؤمنين أهل الذنوب".


الصفحة التالية
Icon