يقال للزبانية: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ﴾ فقودوه بعنف وغلظة، وهو أن يؤخذ بتلبيب الرجل، فيجر إلى حبس أو قتل، ومنه: العتلّ؛ وهو الغليظ الجافي، وقرئ بكسر التاء وضمها، ﴿إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ﴾ إلى وسطها ومعظمها.
فإن قلت: هلا قيل: صبوا فوق رأسه من الحميم، كقوله: ﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾ [الحج: ١٩]، لأنّ الحميم هو المصبوب لا عذابه؟ قلت: إذا صب عليه الحميم، فقد صب عليه عذابه وشدّته، إلا أن صب العذاب طريقه الاستعارة، كقوله:
صبّت عليه صروف الدّهر من صبب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحاشية: " أنه قيل له: هل يجوز بالياء صفةً للمهل؟ قال: لا، لأنه لا يوصف المهل، لكن الطعام أو الشجرة".
وقلت: ولناصر قول أبي عبيد أن قول: هو من تداخل التشبيهين، أي: كالمهل المشبه غليانه بغلي الحميم في البطون، شبه طعام الشجرة بدردي خارج عن المتعارف في أنه إذا قدر أن يصب في البطون يغلي- بغير نار- غليان الماء الحار في المراجل بالنار، ولا يبعد هذا التأويل، فإن هذه الشجرة على خلاف الأشجار المتعارفة، لأنها تنبت في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين.
قوله: (بتلبيب الرجل): الجوهري: "لببت الرجل تلبيبًا؛ إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة وجررته".
قوله: (قرئ بكسر التاء وضمها): الحرميان وابن عامر: "فاعتلوه" بالضم، والباقون: بالكسر.
قوله: (صبت عليه صروف الدهر من صبب): الأساس: "مشوا في صبب، وفي أصباب:


الصفحة التالية
Icon