﴿إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ يجوز أن يكون على ظاهره، وأن يكون المعنى: إنّ في خلق السماوات والأرض؛ لقوله: ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾. فإن قلت: علام عطف ﴿وَما يَبُثُّ﴾، أعلى الخلق المضاف، أم على الضمير المضاف إليه؟ قلت: بل على المضاف، لأنّ المضاف إليه ضمير متصل مجرور يقبح العطف عليه، استقبحوا أن يقال: مررت بك وزيد، وهذا أبوك وعمرو، وكذلك إن أكدوه كرهوا أن يقولوا: مررت بك أنت وزيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يجوز أن يكون على ظاهره): أي: لا يقدر مضاف، قال الإمام: "وذلك أنه حصل في ذوات السماوات والأرض أحوال دالة على وجود الله تعالى، مثل مقاديرها وكيفياتها وحركتها، وأيضًا الشمس والقمر والنجوم والجبال موجودة فيهما، وهي آيات".
وقلت: يجوز -على هذا- أن يكون قوله ﴿وفِي خَلْقِكُمْ﴾ إلى آخر الآيتين من عطف الخاص على العام، لأن المذكور بعض ما في السماوات والأرض.
قوله: (وأن يكون المعنى: أن في خلق السماوات والأرض): روى الواحدي عن الزجاج هذا القول.
قوله: (ضمير متصل مجرور يقبح العطف عليه): يعني: العطف على المضمر المجرور قبيح، كان مجرورًا بحرف الجر أو بالإضافة، لا فرق بين أن يؤكد أم لا، قال في "النساء": "الضمير المتصل كاسمه، والجار والمجرور كشيء واحد، فلما اشتد الاتصال لتكرره أشبه العطف على بعض الكلمة، فوجب تكرير العامل، كقولك: مررت به وبزيد، وهذا غلامه وغلام زيد".


الصفحة التالية
Icon