﴿تِلْكَ﴾ إشارة إلى الآيات المتقدّمة، أي: تلك الآيات ﴿آياتُ اللَّهِ﴾، و ﴿نَتْلُوها﴾ في محل الحال، أي: متلوة ﴿عَلَيْكَ بِالْحَقِّ﴾، والعامل ما دل عليه ﴿تِلْكَ﴾ من معنى الإشارة، ونحوه: ﴿وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾. وقرئ: "يتلوها"، بالياء.
[﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ * وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئًا اتَّخَذَها هُزُوًا أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ * مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ ٧ - ١٠]
﴿بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ﴾ أي: بعد آيات الله، كقولهم: أعجبنى زيد وكرمه، يريدون: أعجبنى كرم زيد. ويجوز أن يراد: بعد حديث الله، وهو كتابه وقرآنه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالأولون: تكفيهم أدنى إشارة، قال:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى.... فصادف قلبًا خاليًا فتمكنا
فهم المؤمنون، فقيل لهم: ﴿إنَّ فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ لآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾.
والفرق الثاني: أن ساعدهم التوفيق لا يضطرهم إلى المعرفة إلا دليل الأنفس، قال حجة الإسلام: الطبيعيون أكثروا البحث عن عالم الطبيعة، وعن عجائب الحيوان، وأكثروا الخوض في تشريح أعضاء الحيوان، فرأوا فيها من عجائب صنع الله وبدائع حكمته ما اضطروا معه إلى الاعتراف بفاطر حكيم مطلع على غايات الأمر ومقاصدها، فهؤلاء نودوا بقوله: ﴿وفِي خَلْقِكُمْ ومَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.
والمترددون بين النفي والإثبات: لا يحتاجون إلى التعمق، ولا يكفيهم أيضًا أدنى تأمل، فنبهوا بقوله: ﴿واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهَارِ﴾ إلى قوله: ﴿آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾. والله أعلم بحقيقة كلامه.
قوله: (ويجوز أن يراد: بعد حديث الله، وهو كتابه وقرآنه): كذا عن الواحدي، وفي


الصفحة التالية
Icon