لأنّ "آيات ربهم" هي القرآن، أي: هذا القرآن كامل في الهداية، كما تقول: زيد رجل، تريد: كامل في الرجولية، وأيما رجل. "والرجز": أشد العذاب، وقرئ بجر "أليم" ورفعه.
[﴿اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ١٢ - ١٣]
﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ بالتجارة، أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان، واستخراج اللحم الطري وغير ذلك من منافع البحر.
فإن قلت: ما معنى ﴿مِنْهُ﴾ في قوله: ﴿جَمِيعًا مِنْهُ﴾، وما موقعها من الإعراب؟ قلت: هي واقعة موقع الحال، والمعنى: أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه، وحاصلة من عنده، يعني: أنه مكوّنها وموجدها بقدرته وحكمته، ثم مسخرها لخلقه. ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هي جميعًا منه، وأن يكون ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ﴾ تأكيدًا لقوله: ﴿سَخَّرَ لَكُمْ﴾، ثم ابتدئ قوله: ﴿ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾، وأن يكون ﴿ما فِي الْأَرْضِ﴾ مبتدأ، و ﴿مِنْهُ﴾ خبره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالشكر على الإنعام، وبالتفكر على أن ذلك الإنعام أيضًا دليل من الدلائل السابقة، وأخرت من أخواتها تطرئةً للتنبيه، وعلم من ذلك أن التفكر ملاك التعقل والإيقان والإيمان، والله أعلم.
قوله: (وأيما رجل): تفسير ثان لقوله: "زيد رجل". فإن قلت: ليس ما في الآية كالمثال، لأن "رجل" هو "زيد"؟ قلت: بل الكتاب هو هدىً مبالغة، قال صاحب "المفتاح": "أنت تعلم أن شأن الكتب السماوية الهداية لا غير، وبحسبها يتفاوت شأنهن في درجات الكمال".
قوله: (تقديره: هي جميعًا منه): أي: المذكورات كائنة منه جميعًا.


الصفحة التالية
Icon