فإن قلت: قوله: ﴿قَوْمًا﴾ ما وجه تنكيره، وإنما أراد الذين آمنوا، وهم معارف؟ قلت: هو مدح لهم وثناء عليهم، كأنه قيل: ليجزي أيما قوم وقومًا مخصوصين؛ لصبرهم وإغضائهم على أذى أعدائهم من الكفار، وعلى ما كانوا يجرعونهم من الغصص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هو مدح لهم وثناء عليهم): وهو من باب التجريد، وأنشد ابن جني عن أبي علي الفارسي:
أفاءت بنو مروان ظلمًا دماءنا.... وفي الله أن لم يعدلوا حكم عدل
وقال: "وهو تعالى أعرف المعارف، وسماه الشاعر حكمًا عدلًا، وأخرج اللفظ مخرج التنكير، ألا ترى كيف آل الكلام من لفظ التنكير إلى معنى التعريف".
وقلت: وإليه أشار المصنف بقوله: "أيما قوم وقومًا مخصوصين" إلى آخره، وكذا جرد عمر رضي الله عنه من نفسه شخصًا اسمه عمر، كأنه غيره، وحكم عليه بأنه ليجزى ما صنع من صبره واحتماله من الرجل الذي شتمه من غفار، وهم أن يبطش به.