﴿إِلى كِتابِهَا﴾ إلى صحائف أعمالها، فاكتفى باسم الجنس، كقوله: ﴿وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ﴾ [الكهف: ٤٩]، ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ﴾ محمول على القول.
فإن قلت: كيف أضيف "الكتاب" إليهم وإلى الله عزّ وجل؟ قلت: الإضافة تكون للملابسة، وقد لابسهم ولابسه؛ أما ملابسته إياهم: فلأن أعمالهم مثبتة فيه، وأما ملابسته إياه: فلأنه مالكه، والآمر ملائكته أن يكتبوا فيه أعمال عباده.
﴿يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ﴾ يشهد عليكم بما عملتم، ﴿بِالْحَقِّ﴾ من غير زيادة ولا نقصان، ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ﴾ الملائكة ﴿ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي: نستكتبهم أعمالكم.
﴿فِي رَحْمَتِهِ﴾ في جنته، وجواب "أما" محذوف، تقديره: وأما الذين كفروا فيقال لهم: ﴿أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ﴾، والمعنى: ألم يأتكم رسلي فلم تكن آياتي تتلى عليكم، فحذف المعطوف عليه.
[﴿وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ * وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ ٣٢ - ٣٣]
وقرئ: "والساعة" بالنصب؛ عطفًا على الوعد، وبالرفع عطفًا على محل "إن" واسمها، ﴿مَا السَّاعَةُ﴾ أي شيء الساعة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الإضافة تكون للملابسة): ويمكن أن يقال: أن الإضافة إليها تدل على معنى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾ [الإسراء: ١٣]، أي: تدعى إلى كتابها، وإلى ما يختص بها من الأعمال صالحها وسيئها، لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، ومن ثم ذيل بقوله: ﴿اليَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. وأما الإضافة إلى الله: فللإشارة إلى أن كل ما ثبت فيه صدق وحق وعدل، وأنه تعالى يجازيها على القليل والكثير، ولذلك عقب بقوله: ﴿يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ﴾، وذيل بالجمع، ثم قسم بقوله: ﴿فَأَمَّا﴾ ﴿وَأَمَّا﴾. والله أعلم.