فإن قلت: ما معنى "فِي" في قوله: ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي﴾؟ قلت: معناه: أن يجعل ذرّيته موقعًا للصلاح ومظنة له، كأنه قال: هب لي الصلاح في ذرّيتي، وأوقعه فيهم. ونحوه:
يجرح في عراقيبها نصلي
﴿مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ من المخلصين، وقرئ: "يتقبل"، و"يتجاوز" بفتح الياء، والضمير فيهما لله عز وجل، وقرئا بالنون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يجرح في عراقيبها نصلي): أوله:
وإن تعتذر بالمحل عن ذي ضروعها.... إلى الضيف
أي: يحدث الجرح في عراقيبها نصلي، المعنى: أن اعتذرت بقلة اللبن بسبب القحط إلى الضيف أعقرها؛ لتكون هي بدل اللبن، "ذي ضروعها": أي: لبنها، جعل المتعدي بمنزلة اللازم لإرادة الحقيقة، ثم عداه كما يعدى اللازم مبالغة.
قال ابن الحاجب: "الآية من باب قوله: "فلان يعطي ويمنع"، مما استعمل فيه الفعل المتعدي محذوفًا مفعوله حذفًا غير مقصود، وهذا أبلغ في المدح من القصد إلى المفعول على طريقة خصوص وعموم، لما فيه من المبالغة، وجعل "الذرية" كأنها محل للصلاح".
قوله: (وقرئ: "يتقبل" و"يتجاوز" بفتح الياء): شاذة، قال الزجاج: "وهي جائزة، ولا أعلم أحدًا قرأ بها"، وقرأ حفص وحمزة والكسائي: ﴿نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا ونَتَجَاوَزُ﴾ بالنون فيهما مفتوحة، ونصب ﴿أَحْسَنَ﴾، والباقون: بالياء مضمومةً فيهما، ورفع "أحسن".


الصفحة التالية
Icon