وعن الحسن: هو في الكافر العاق لوالديه المكذب بالبعث. وعن قتادة: هو نعت عبد سوء عاق لوالديه فاجر لربه. وقيل: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه، وقد دعاه أبوه أبو بكر وأمّه أمّ رومان إلى الإسلام، فأفف بهما، وقال: ابعثوا لي جدعان بن عمرو وعثمان بن عمرو، وهما من أجداده، حتى أسألهما عما يقول محمد.
ويشهدوا لبطلانه أن المراد بـ"الذي قال": جنس القائلين ذلك، وأنّ قوله: ﴿الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ﴾: هم أصحاب النار، وعبد الرحمن كان من أفاضل المسلمين وسرواتهم، وعن عائشة رضي الله عنها إنكار نزولها فيه، وحين كتب معاوية إلى مروان بأن يبايع الناس ليزيد، قال عبد الرحمن: لقد جئتم بها هرقلية، تبايعون لأبنائكم، فقال مروان: يا أيها الناس، هو الذي قال الله فيه: ﴿وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما﴾، فسمعت عائشة، فغضبت، وقالت: والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لسميته، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه، فأنت فضض من لعنة الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: يمكن أن يرد بهذا قول صاحب "المفتاح" حيث قال: "امتنع لوجوه كثيرة لا تخفى على متقني أنواع الأدب، أدناها: وجوب نحو: الرجل الطوال، والفرس الدهم، أو صحته لا أقل، على الاطراد، وكل ذلك على ما ترى فاسد".
قوله: (وعن عائشة رضي الله عنها إنكار نزولها فيه): عن البخاري عن يوسف بن ماهك قال: كان مروان على الحجاز، استعمله معاوية، فخطب، فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما شيئًا، فقال: فخذوه، فدخل بيت عائشة رضي الله عنها، فلم يقدروا عليه، فقال مروان: هذا الذي أنزل الله تعالى فيه: ﴿والَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا﴾، فقالت عائشة رضي الله عنها من وراء الحجاب: "ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن إلا ما أنزل في سورة النور من براءتي".