﴿وَلِيُوَفِّيَهُمْ﴾ -وقرئ: بالنون- تعليل معلله محذوف لدلالة الكلام عليه، كأنه قيل: وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم حقوقهم قدر جزاءهم على مقادير أعمالهم، فجعل الثواب درجات، والعقاب دركات.
[﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ﴾ ٢٠]
ناصب الظرف هو القول المضمر قبل ﴿أَذْهَبْتُمْ﴾، وعرضهم على النار: تعذيبهم بها؛ من قولهم: عرض بنو فلان على السيف؛ إذا قتلوا به، ومنه قوله تعالى: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها﴾ [غافر: ٤٦]، ويجوز أن يراد: عرض النار عليهم؛ من قولهم: عرضت الناقة على الحوض، يريدون: عرض الحوض عليها، فقلبوا. ويدل عليه تفسير ابن عباس: يجاء بهم إليها فيكشف لهم عنها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿ولِيُوَفِّيَهُمْ﴾ وقرئ بالنون): ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وهشام: بالياء، والباقون: بالنون.
قوله: (ويجوز أن يراد: عرض النار عليهم؛ من قولهم: عرضت الناقة على الحوض، يريدون: عرض الحوض عليها): الانتصاف: "إن كان "عرضت الناقة على الحوض" مقلوبًا، فعرض الذين كفروا على النار ليس مقلوبًا؛ لأن الحوض جماد لا إدراك له، والناقة هي المدركة، وأما النار فقد ورد أنها مدركة إدراك أولي العلم، فهو كقولك: عرضت الأسرى على الأمير".
وقلت: عرضت الناقة على الحوض: من القلب المقبول الذي نزل فيه الحوض منزلة المدرك، أنشد المصنف رحمه الله تعالى:
إذا ما استحين الماء يعرض نفسه.... كرعن بسبت في إناء من الورد