ولكني رأيت الله تعالى نعى على قوم طيباتهم، فقال: أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا"، وعنه: "لو شئت لكنت أطيبكم طعامًا، وأحسنكم لباسًا، ولكني أستبقي طيباتي".
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنه دخل على أهل الصفة، وهم يرقعون ثيابهم بالأدم، ما يجدون لها رقاعًا، فقال: أأنتم اليوم خير أم يوم يغدو أحدكم في حلة، ويروح في أخرى، ويغدى عليه بجفنة، ويراح عليه بأخرى، ويستر بيته كما تستر الكعبة؟ قالوا: نحن يومئذ خير، قال: بل أنتم اليوم خير".
وقرئ: "أأذهبتم" بهمزة الاستفهام، و"آأذهبتم" بألف بين همزتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من: صلقت الشاة: إذا شويتها، ويروى بالسين، وهو ما سلق من البقول وغيرهم، والصناب: الخردل المعموم بالزيت، وهو صباغ يؤتدم به، والكركرة- بالكسر- زور البعير الذي إذا برك أصاب الأرض، وجمعها: كراكر، يريد: إحضارهم للأكل؛ لأنها من أطايب ما يؤكل من الإبل".
قوله: (بل أنتم اليوم خير): أي: حالتكم اليوم أنفع لكم في الدين، مما إذا فتح عليكم البلاد، واستغنيتم، روينا في "مسند الإمام أحمد بن حنبل" عن معاوية: أنه دخل على خاله أبي هاشم بن عتبة يعوده، فبكى أبو هاشم، فقال: ما يبكيك يا خال، أوجعًا يشئزك أم حرصًا على الدنيا؟ فقال: فكلا لا، ولكن رسول الله ﷺ عهد إلينا وقال: "لعلك تدرك أموالًا يؤتاها أقوام، وإنما يكفيك من جميع المال خادم ومركب في سبيل الله"، وإني أراني قد جمعت.
وفي "صحيح البخاري" عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: "أتي عبد الرحمن ابن عوف بطعام، وكان صائمًا"، فساق الحديث إلى قوله: "قد بسط للناس من الدنيا ما بسط، ولقد خشيت أن عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام".
قوله: (وقرئ: "أأذهبتم" بهمزة الاستفهام): ابن ذكوان: "أأذهبتم" بهمزتين محققتين من غير مد، وابن كثير وهشام أطول مدًا على أصله، والباقون: بهمزة واحدة من غير مد على الخبر.


الصفحة التالية
Icon