﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ تهلك من نفوس عاد وأموالهم الجم الكثير، فعبر عن الكثرة بالكلية، وقرئ: "يدمر كل شيء"، من: دمر دمارًا: إذا هلك. ﴿لَا تَرَى﴾ الخطاب للرائي من كان، وقرئ: ﴿لَا يُرَى﴾، على البناء للمفعول بالياء والتاء، وتأويل القراءة بالتاء -وهي عن الحسن-: لا ترى بقايا ولا أشياء منهم إلا مساكنهم. ومنه بيت ذي الرمّة:
وما بقيت إلّا الضلوع الجراشع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى تقدير المصنف: الفاء فصيحة، أي: قال لهم هود ذلك ثم أدركتهم الريح، فأبادتهم، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم.
ولا ارتياب في أن ذلك القول أبلغ وأجرى على قوانين البلاغة، وأنسب للفصاحة التنزيلية.
قوله: (وقرئ: ﴿لا يُرَى﴾ على البناء للمفعول): عاصم وحمزة: ﴿إلاَّ مَسَاكِنُهُمْ﴾ بالرفع، والباقون: بالتاء المفتوحة وبالنصب، قال: القراءة بالياء أقوى؛ لأنه لا يقال: ما جاءتني إلا امرأة، لكن: ما جاءني إلا امرأة، أي: شيء إلا امرأة، والأصل: ﴿لا يُرَى﴾ بالتذكير؛ لأن المعنى: شيء من الأشياء، وإنما أنث نظرًا إلى لفظ " مساكنهم".
قوله: (وما بقيت): أوله- من رواية ابن جني لذي الرمة-:
برى النحز والأجرال ما في غروضها.... فما بقيت إلا الصدور الجراشع


الصفحة التالية
Icon