وقد جعلت إن صلة، مثلها فيما أنشده الأخفش:
يرجّي المرء ما إن لا يراه.... وتعرض دون أدناه الخطوب
وتؤوّل بـ: أنا مكناهم في مثل ما مكناكم فيه. والوجه هو الأوّل،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لعمرك ما أن بان): وفي بعض النسخ: "إن ما بان"، ولا يجوز الوجهان؛ لأن "ما" إذا قدمت كانت موصولةً مبتدأ، ولا تستقيم الباء في خبره، وإذا أخرت تقع الباء في خبر "إن" النافية، ولا يجوز أيضًا، لأن الباء لا تستقيم إلا في خبر "ليس"، أو "ما" بمعنى "ليس"، أو "هل".
قوله: (يرجي المرء ما أن لا يراه) البيت: قيل: هو مأخوذ من قوله: "تؤملون ما لا تدركون"، وقريب من معناه قول الآخر:
المرء قد يرجو الرجا.... ء مؤملًا والموت دونه
قوله: (والوجه هو الأول): لأن المعنى الثاني يؤدي إلى أن يقال: مكناهم في مثل ما مكناكم فيه، فيلزم تفصيل تمكين هؤلاء على أولئك، لأن المشبه به أقوى في الوجه غالبًا، وعلى الأول: معناه: ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه، والذي سيق له الكلام أن كفار مكة دون أولئك الكفار في التمكين في الأرض، كقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ [الأنعام: ٦]، والمعنى: لم نعط أهل مكة نحو ما أعطينا عادًا وثمود وغيرهم من البسطة في الأجسام، السعة في الأموال، والاستظهار بأسباب الدنيا.


الصفحة التالية
Icon