وقرئ: "يقدر"، ويقال: عييت بالأمر: إذا لم تعرف وجهه. ومنه: ﴿أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ﴾ [ق: ١٥].
[﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ ٣٤]
﴿أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ﴾ محكي بعد قول مضمر، وهذا المضمر هو ناصب الظرف، و ﴿هَذَا﴾ إشارة إلى العذاب، بدليل قوله تعالى: ﴿فَذُوقُوا الْعَذابَ﴾، والمعنى: التهكم بهم، والتوبيخ لهم على استهزائهم بوعد الله ووعيده، وقولهم: ﴿وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: ١٣٨].
[﴿فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ﴾ ٣٥]
﴿أُولُوا الْعَزْمِ﴾ أولوا الجد والثبات والصبر، و ﴿مِنَ﴾ يجوز أن تكون للتبعيض، ويراد بأولي العزم: بعض الأنبياء، قيل: هم نوح صبر على أذى قومه، كانوا يضربونه حتى يغشى عليه، وإبراهيم على النار وذبح ولده، وإسحاق على الذبح، ويعقوب على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف على الجب والسجن، وأيوب على الضرّ، وموسى قال له قومه: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبَّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦١ - ٦٢]، وداود بكى على خطيئته أربعين سنة، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة، وقال: إنها معبر،...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويراد بأولي العزم: بعض الأنبياء): قال القاضي: "وهم أصحاب الشرائع، اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها، وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فيها".
قوله: (معبرة): وفي نسخة: "معبرة"، روي عن المصنف: المعبر- بفتح الميم-: موضع العبور، كالجسر والقنطرة، وبكسره: السفينة المعبرة.


الصفحة التالية
Icon