[﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ﴾ ٤ - ٦]
﴿لَقِيتُمُ﴾ من اللقاء، وهو الحرب، ﴿فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ أصله: فاضربوا الرقاب. ضربًا، فحذف الفعل وقدّم المصدر، فأنيب منابه مضافًا إلى المفعول، وفيه اختصار مع إعطاء معنى التوكيد، لأنك تذكر المصدر وتدل على الفعل بالنصبة التي فيه.
وضرب الرقاب: عبارة عن القتل، لأنّ الواجب أن تضرب الرقاب خاصة دون غيرها من الأعضاء، وذلك أنهم كانوا يقولون: ضرب الأمير رقبة فلان، وضرب عنقه وعلاوته، وضرب ما فيه عيناه: إذا قتله، وذلك أن قتل الإنسان أكثر ما يكون بضرب رقبته، فوقع عبارة عن القتل، وإن ضرب بغير رقبته من المقاتل، كما ذكرنا في قوله: ﴿بِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠]، على أن في هذه العبارة من الغلظة والشدّة ما ليس في لفظ القتل، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صورة، وهو حز العنق، وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه، ولقد زاد في هذه الغلظة في قوله: ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ﴾ [الأنفال: ١٢].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتمم المعنى بقوله: ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ [الأنفال: ١٢]، ووضع ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ موضع الضمير، وأعيد ذكر ﴿فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ ويُصْلِحُ بَالَهُمْ﴾.
قوله: (وضرب عنقه وعلاوته): المغرب: "العلاوة: ما علق على البعير بعد حمله من مثل الإداوة والسفرة، وقولهم: فضرب علاوة رأسه؛ مجاز".


الصفحة التالية
Icon