وقرئ: "فدًى" بالقصر مع فتح الفاء.
أوزار الحرب: آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها، كالسلاح والكراع، قال الأعشى:
وأعددت للحرب أوزارها.... رماحًا طوالًا وخيلًا ذكورا
وسميت: أوزارها؛ لأنه لما لم يكن لها بد من جرّها، فكأنها تحملها وتستقل بها، فإذا انقضت فكأنها وضعتها. وقيل: أوزارها: آثامها، يعني: حتى يترك أهل الحرب- وهم المشركون- شركهم ومعاصيهم بأن يسلموا.
فإن قلت: ﴿حَتَّى﴾ بم تعلقت؟ قلت: لا تخلو: إما أن تتعلق بالضرب والشد، أو بالمن والفداء، فالمعنى على كلا المتعلقين عند الشافعي رحمه الله: أنهم لا يزالون على ذلك أبدًا إلى أن لا يكون حرب مع المشركين، وذلك إذا لم يبق لهم شوكة، وقيل: إذا نزل عيسى ابن مريم عليه السلام. وعند أبي حنيفة رحمه الله: إذا علق بالضرب والشد: فالمعنى: أنهم يقتلون ويؤسرون حتى تضع جنس الحرب الأوزار، وذلك حين لا تبقى شوكة للمشركين، وإذا علق بالمن والفداء: فالمعنى: أنه يمن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها، إلا أن يتأول المن والفداء بما ذكرنا من التأويل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إلا أن يتأول المن والفداء): استثناء من قوله: "فالمعنى"، يعني: إذا علقت ﴿حَتَّى﴾ بالمن والفداء على مذهب أبي حنيفة، فالمعنى: حتى تضع حرب بدر أوزارها، فإذا مضت لا يكون من ولا فداء، إلا أن يفسر المن بالاسترقاق وبأخذ الجزية، والفداء بأن يفادى أساراهم بأسارى المشركين، كما روى الطحاوي عن أبي حنيفة، فحينئذ لا يحتاج إلى تقدير: "حرب بدر".
قال الزجاج: " ﴿حَتَّى﴾ موصولة بالقتل والأسر، والمعنى: فاقتلوهم وأسروهم حتى تضع الحرب أوزارها، والتقدير: حتى يسلموا ويؤمنوا فلا يجب أن تحاربوهم، فما دام الكفر فالجهاد والحرب قائمة أبدًا".