[﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَاتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ﴾ ١٨]
﴿أَنْ تَاتِيَهُمْ﴾ بدل اشتمال من ﴿السَّاعَةَ﴾، نحو: ﴿أَن تَطَؤُهُمْ﴾ من قوله: ﴿رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ﴾ [الفتح: ٢٥]. وقرئ: "إن تأتهم"، بالوقف على ﴿السَّاعَةَ﴾ واستئناف الشرط، وهي في مصاحف أهل مكة كذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الترفع عن متابعة الهوى: النزوع إلى المولى، والعزوف عن شهوات هذه الأدنى.
ثم في إسناد ﴿وآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ إلى الله تعالى، وإسناد متابعة الهوى إليهم: إنما إلى معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء: ٨٠]، وتلويح إلى أن متابعة الهوى مرض روحاني، وملازمة التقوى دواء إلهي، ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ﴾ [الإسراء: ٨٢].
قوله: (﴿أَن تَاتِيَهُم﴾ بدل اشتمال): قال الزجاج: "موضع "أن": نصب على البدل من ﴿السَّاعَةَ﴾، المعنى: فهل ينظرون إلا أن تأتيهم الساعة بغتة، كقوله: ﴿ولَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ ونِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ﴾ [الفتح: ٢٥]، والمعنى: لولا أن تطؤوا رجالًا مؤمنين ونساءً مؤمنات".
قوله: (وقرئ: "إن تأتهم"، بالوقف على ﴿السَّاعَةَ﴾): قال ابن جني: "قرأها أبو عمرو ابن العلاء: هذا استئناف شرط، لأنه وقف على ﴿إِلَّا السَّاعَةَ﴾، ثم قال: "إن تأتهم بغتةً فقد جاء أشراطها"، فإن قلت: الشرط لا بد معه من الشك من الله تعالى، ومعناه: منهم، أي: أن شكوا في مجيئها بغتةً فقد جاء أشراطها، أي: علاماتها، فهلا توقعوها وتأهبوا لوقوعها".