فاثبت على ما أنت عليه من العلم بوحدانية الله، وعلى التواضع وهضم النفس، باستغفار ذنبك وذنوب من على دينك،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فاثبت على ما أنت عليه من العلم بوحدانية الله تعالى، وعلى التواضع وهضم النفس، باستغفار ذنبك وذنوب من على دينك): فقدر مضافًا، قال القاضي: "وفي إعادة الجار وحذف المضاف إشعار بفرط احتياجهم وكثرة ذنوبهم، وأنها جنس آخر".
وقلت- والعلم عند الله-: أن المراد باستغفار القوم: دعوتهم إلى ما يزيل أوضارهم؛ من الكفر بالله تعالى والنفاق وسائر المعاصي، والنظم يقتضي هذا؛ لأن قوله: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ﴾ مترتب بالفاء على قوله: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إلاَّ السَّاعَةَ﴾، يعني: إذا تيقنت أن الساعة آتية وقد جاء أشراطها، فخذ بالأهم فالأهم، والأولى فالأولى، فتمسك بالتوحيد، ونزه الله عما لا ينبغي، ثم طهر نفسك بالاستغفار عما لا يليق بك من ترك الأولى، فإذا صرت كاملًا في نفسك، فكن مكملًا لغيرك، فاستغفر للمؤمنين.
فإذن: المراد باستغفار المؤمنين والمؤمنات: ما به يزول كفرهم ونفاقهم ومعاصيهم من العلم والعمل، وبالمؤمنين: العموم؛ سواء كان مؤمنًا مخلصًا أو كافرًا منافقًا؛ تغليبًا، يدل على الأول: قوله تعالى: ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ ومَثْوَاكُمْ﴾، فإنه عبارة عن الوعد والوعيد على أعمال الخير والشر، وعلى الثاني: قوله تعالى: ﴿ويَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وذُكِرَ فِيهَا القِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ الآيات، فالاستغفار محمول على عموم المجاز.


الصفحة التالية
Icon