وقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١]، ثم أمر بالعمل بعد.
[﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ * طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ ٢٠ - ٢١]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ} [البقرة: ١٨٩]-؛ سألوه عن فضل العلم، فأجاب بأن فضل العلم إنما يظهر إذا جعل وسيلةً إلى العمل، كما أن النفقة إنما تكون معتدًا بها إذا وقعت موقعها، أي: الواجب أن يسألوا عن العلم وعن العمل به، لا عنه وحده.
قوله: (ثم أمر بالعمل بعد): أي: بعد العلم هاهنا. وعن بعضهم: "ثم أمر بالقسمة والصرف إلى مصارفها في موضع آخر"، وليس بذاك، لأن قوله: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] الآية، فيه بيان الصرف إلى المصارف، لأن قوله: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ دل على ذلك؛ لما فيه: أن أربعة أخماس الغنمية تصرف إلى المحاربين، والخمس الباقي إلى الله والرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
على أن المراد بالعمل ما يشق على المكلف، كما في الأمثلة الأخرى، بل دل على ذلك ما بعد "اعلموا"، وهو تقييد العلم بقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ﴾ [الأنفال: ٤١]، فإن فيه معنى الأمر بقطع الطمع عن ذلك الخمس، والاقتناع بما قسم لهم من الأخماس الأربعة، كما قال المصنف في موضعه: "المعنى: أن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أن الخمس من الغنيمة يجب التقرب به للهذ، فاقطعوا عنه أطماعكم، واقتنعوا بالأخماس الأربعة، وليس المراد بالعلم: العلم المجرد، ولكنه العلم المضمن بالعمل والطاعة لأمر الله"، لأن العلم المجرد يستوي فيه المؤمن والكافر، ألا ترى كيف صرح بلفظ الأمر في قوله: "فاقطعوا عنه أطماعكم، واقتنعوا".


الصفحة التالية
Icon