[﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها﴾ ٢٤]
﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ ويتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد العصاة، حتى لا يجسروا على المعاصي، ثم قال: ﴿أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها﴾، و"أم" بمعنى: بل، وهمزة التقرير، للتسجيل عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يتوصل إليها ذكر. وعن قتادة: إذن -والله- يجدوا في القرآن زاجرًا عن معصية الله لو تدبروه، ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا.فإن قلت: لم نكرت "القلوب"، وأضيفت "الأقفال" إليها؟ قلت: أما التنكير: ففيه وجهان: أن يراد: على قلوب قاسية مبهم أمرها في ذلك،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يضجرون منها". والجملة مستأنفة على التقديرين، والتقدير الأخير أنسب للتنافي والتقابل الواقع بين الفريقين في آيات هذه السورة- كما مر-، وقرينتها ستجيء، وهي قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [محمد: ٣٣] الآية، وستقف عليه.
قوله: (يجدوا في القرآن زاجرًا عن معصية الله): فيه تجريد، كقوله: ﴿لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١].
قوله: (أخذوا بالمتشابه فهلكوا): من قوله: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾ [آل عمران: ٧]، والتدبر في القرآن: تمييز المحكم من المتشابه، وجعله أصلًا يؤول إليه معنى المتشابه.
قوله: (أن يراد: على قلوب قاسية مبهم): نحوه ما أنشد ابن جني:
أمير المؤمنين على صراط.... إذا اعوج الموارد مستقيم