﴿أَخْبارَكُمْ﴾ ما يحكى عنكم، وما يخبر به عن أعمالكم، ليعلم حسنها من قبيحها؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: خير الحديث من مثل هذه ما كان لا يعرفه كل أحد، إنما يعرف أمرها في أنحاء قولها. هذا هو المراد من قول المصنف: "كالتعريض والتورية"، أي: الإيهام.
الراغب: "اللحن: صرف الكلام عن سننه الجاري عليه، إما بإزالة الإعراب أو التصحيف، وهو المذموم، وذلك أكثر استعمالًا، وإما بإزالته عن التصريح وصرفه بمعناه إلى تعريض وفحوى، وهو محمود من حيث البلاغة، وإليه قصد بقول الشاعر- عند أكثر الأدباء-:
وخير الحديث ما كان لحنا
وإياه قصد بقوله: ﴿ولَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ﴾، ومنه قيل للفطن لما يقتضي فحوى الكلام: لحن، وفي الحديث: "لعل بعضكم ألحن بحجته من بعض"، أي: ألسن وأفصح وأبين كلامًا، وأقدر على الحجة".
قوله: (وما يخبر به عن أعمالكم، ليعلم حسنها من قبيحها): أي: عبر بـ ﴿أَخْبَارَكُمْ﴾ عن "أعمالكم" في قوله: ﴿ونَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ على سبيل الكناية، لأن الإخبار تابع لوجود المخبر عنه، المعنى: يختبر أخباركم، أن كان الخبر حسنًا فالمخبر عنه- الذي هو العمل- حسن، وإن كان الخبر قبيحًا فالعمل أيضًا قبيح.
وقال ابن الحاجب في تفسير قوله تعالى: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُمْ﴾: " العلم يطلق باعتبار الرؤية، والشيء لا يرى حتى يقع، أو بمعنى المجازاة، المعنى: حتى نجازي المجاهدين منكم والصابرين".