﴿وَلَنْ يَتِرَكُمْ﴾: من: وترت الرجل: إذا قتلت له قتيلًا من ولد أو أخ أو حميم، أو حربته، وحقيقته: أفردته من قريبه أو ماله، من الوتر، وهو الفرد، فشبه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر، وهو من فصيح الكلام، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «من فاتته صلاة العصر، فكأنما وتر أهله وماله»، أي: أفرد عنهما قتلًا ونهبًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال مكي: " ﴿وأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ﴾ الجملة حال من الضمير المرفوع في"تدعوا"، وكذلك ﴿واللَّهُ مَعَكُمْ﴾ ﴿ولَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ ".
قوله: (أو حربته): الجوهري: "حرب الرجل ماله؛ أي: سلبه، فهو محروب".
قوله: (وهو من فصيح الكلام): لأنه تعالى أجرى عمل العامل مجرى القريب والمال، شبه تعطيل ثواب العمل بوتر الواتر في الهلكة والخسران، ثم استعير لجانب المشبه اللفظ المستعمل في جانب المشبه به، وهو ﴿يَتِرَكُمْ﴾، ونحوه في الإجراء قوله تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: ٨٨ - ٨٩]؛ جعل بالادعاء القلب السليم من أفراد جنس المال والبنين، ثم استثنى بقوله: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ بعض أفراد ذلك الجنس.
قال مكي: " ﴿يَتِرَكُمْ﴾ و ﴿تَهِنُوا﴾: حذفت منهما الفاء، وهي واو، وأصله: "توهنوا" و"يوتركم"، حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة، وأتبع سائر أمثلة الفعل المستقبل الحذف وإن لم يكن فيه ياء، على الإتباع، لئلًا يختلف الفعل".
قوله: (من فاتته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله): أخرجه النسائي عن نوفل، ورواية البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذي تفوته صلاة العصر، فكأنما وتر أهله وماله".