ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال القاضي: "البخل: يعدى ب"عن" وب"على" لتضمنه معنى الإمساك، فإنه إمساك عن مستحق"، لكن قول المصنف هذا بعد قوله السابق مشعر بعدم التفرقة في الاستعمال، كما عليه مذهب النحويين دون أهل المعاني، فإنه لما أكد معنى جزاء الشرط- وهو قوله: "فلا يتعداه ضرر بخله"- بقوله: وإنما يبخل على نفسه، وأتى ب"على" وخالف، لأنه في التنزيل: ﴿عَنْ نَفْسِهِ﴾، اعتذار له بقوله: "يقال: بخل عليه وعنه"، أي: أنهما سيان في الاستعمال.
قال الحريري في"درة الغواص": "الفعل اللازم يعدى تارةً بهمزة النقل، كقولك: خرج زيد وأخرجته، وأخرى بالباء كقولك: خرج زيد وخرجت به، واختلف النحويون: هل بين حرفي التعدية فرق أم لا؟ فقال الأكثرون: هما بمعنى واحد، وقال المبرد: بينهما فرق؛ وهو أنك إذا قلت: "أخرجت زيدًا" كان المعنى: حملته على الخروج، وإذا قلت: خرجت بزيد، فمعناه: خرجت واستصحبته معك، والقول الأول أصح".
وقال صاحب "الضوء": "معنى التعدية في: ذهبت به وأذهبته": واحد، وفي سائر المواضع يفيد مع معنى التعدية معنى آخر، وهاهنا لم يفد شيئًا سواها".
وقلت: فعلى هذا: الشرط والجزاء متقاربان في المعنى، كقولك تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ [آل عمران: ١٩٢]، و ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ [آل عمران: ١٨٥]، وقولهم: "من أدرك مرعى الصمان فقد أدرك"، فيكون المعنى: من يبخل عن أداء ربع العشر بعد ذلك التقريع والتوبيخ فقد بالغ في البخل، وكان هو البخيل في الحقيقة. روينا