الصراط المستقيم والنصر العزيز، كأنه قيل: يسرنا لك فتح مكة، ونصرناك على عدوّك، لنجمع لك بين عز الدارين وأغراض العاجل والآجل. ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث إنه جهاد للعدوّ سببًا للغفران والثواب.
والفتح: الظفر بالبلد عنوة أو صلحًا، بحرب أو بغير حرب، لأنه منغلق ما لم يظفر به، فإذا ظفر به وحصل في اليد فقد فتح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روى السلمي عن [ابن] عطاء: جمع للنبي ﷺ في هذه الآية بين النعم المختلفة؛ من الفتح والمغفرة وتمام النعمة والهداية والنصرة. وعن جعفر الصادق: تمام النعمة: أن جعله حبيبه، وأقسم بحياته، ونسخ له شرائع الرسل أجمع، وعرج به إلى المحل الأدنى، وحفظه في المعراج حتى ما زاغ البصر وما طغى، وبعثه إلى الأبيض والأسود، وأحل له الغنائم، وجعله سيد ولد آدم، وقرن ذكره بذكره، ورضاه برضاه، وجعله أحد ركني التوحيد.
قوله: (لأنه منغلق ما لم يظفر به): الراغب: "الفتح: إزالة الإغلاق والإشكال، وهو ضربان: أحدهما: يدرك بالبصر، كفتح الباب والغلق والقفل والمتاع، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ﴾ [يوسف: ٦٥]، ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الحجر: ١٤]. والثاني: ما يدرك بالبصيرة، كفتح الهم، وهو إزالة الغم، وذلك ضربان: أحدهما: في الأمور الدنيوية كغم يفرج، وفقر يزال بإعطاء المال، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٤٤]، أي: وسعنا، والثاني: فتح المنغلق من العلوم، نحو: فلان فتح من العلم بابًا مغلقًا.
وقوله تعالى: ﴿إنَّا فَتَحْنَا لَكَ﴾: قيل: عنى فتح مكة، وقيل: بل عنى ما فتح على النبي صلى الله عليه وسلم