وقيل: معناه قضينا لك قضاء بينًا على أهل مكة أن تدخلها أنت وأصحابك من قابل، لتطوفوا بالبيت؛ من الفتاحة، وهي الحكومة. وكذا عن قتادة.
﴿ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ﴾ يريد: جميع ما فرط منك، وعن مقاتل: ما تقدم في الجاهلية وما بعدها، وقيل: ما تقدم من حديث مارية، وما تأخر من امرأة زيد.
﴿نَصْرًا عَزِيزًا﴾ فيه عز ومنعة، أو وصف بصفة المنصور إسنادًا مجازيًا، أو عزيزًا صاحبه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ما تقدم من حديث ماربة): وحديث ماربة: هو ما رواه المصنف في سورة التحريم: "أن رسول الله ﷺ خلا بمارية في يوم عائشة رضي الله عنها، وعلمت بذلك حفصة، فقال لها: اكتمي علي، وقد حرمت مارية على نفسي"، إلى آخر القصة، لكن قوله تعالى: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ يدل على أنه ترك الأولى، لا أنه صلوات الله عليه ارتكب الذنب.
ويجوز أن يراد بالذنب: تعجيل رسول الله ﷺ بقتل البريء على ما روى ابن عبد البر في "الاستيعاب" عن أنس قال: "إن رجلًا كان يتهم بأم إبراهيم؛ أم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله ﷺ لعلي: اذهب فاضرب عنقه، فأتاه علي، فإذا هو في ركي يتبرد فيها، فقال له: اخرج، فناوله يده، فأخرجه، فإذا هو مجبوب ليس له ذكر، فكف علي عنه، ثم أتى رسول الله ﷺ فقال: والله لمجبوب"، وقال أبو عمر: "هذا الرجل المتهم كان ابن عم مارية القبطية، أهداه معها المقوقس، وأظنه الخصي الذي يقال له: مأبور".
قوله: (أو عزيزًا صاحبه): فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فصار "عزيزًا هو"، فاستتر الضمير، فصار مرفوعًا بعد أن كان بارزًا مجرورًا.