ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسر اختصاص دفع المضرة: أنه تعالى أضاف الملك في هذه المواضع باللام، ودفع المضرة نفع، وليس كذلك حرمان المنفعة، فهو ضرر عائد عليه لا له، وإنما انتظمت هذه الآية كذلك، لأن القسمين يشتركان في أن كل واحد منهما نفي لدفع المقد من ير وشر، فلما تقاربا أدرجهما في عبارة واحدة، وخص عبارة دفع الضرر لأنه المتوقع لهؤلاء، إذ الآية تهديد ووعيد.
وفي نظيره قوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ١٧]، والعصمة أبدًا تكون من الشر، فهاتان الآيتان توأمتان".
وقلت: ويعضد هذا التأويل ما رواه الواحدي عن ابن عباس: "من يمنعكم من عذاب الله أن أراد بكم ضرًا أو أراد بكم نفعًا".
هذا ولا ارتياب أن ﴿يَمْلِكُ﴾ هاهنا غير مستعمل فيما وضع له، قال في "الأساس": "ملك الشيء وامتلكه وتملكه، ومن المجاز: ملك نفسه عند الفضب، وملك علبه أمره: إذا استولى عليه"، وعلى هذا: يجعل ﴿يَمْلِكُ﴾ مجازًا من "يمنع"_ كما عليه ظاهر كلام المصنف_ أو تضمينًا بوساطة "من"، وتكون اللام مزيدة مثلها في قوله تعالى: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ [النمل: ٧٢]، ولما عقب بقوله: ﴿إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا﴾ وجب تقدير مشيئة الله مطلقًا؛ ليتناول مشيئة الضر والنفع، فتكون القرينتان_ أعني: ﴿إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا﴾ _ تقسيمًا له، ثم جعل المجموع عبارة على سبيل الكناية الإيمائية عن أنه ضار ولا نافع إلا هو.
والنظم يساعد عليه؛ لأن الخطاب مع قوم تثاقلوا عن الحرب حين استنفروا، قالوا: نذهب إلى قوم عزوه في عقر داره، ثم جاؤوا معتذرين: أن أموالنا وأهلينا شغلتنا عن الاستنفار معك، ولم ين ذلك خيرًا لنا، فجئنا تائبين مستغفرين، فاستغفر لنا.


الصفحة التالية
Icon