لأن مشركي العرب والمرتدين هم الذين لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف عند أبي حنيفة، ومن عداهم من مشركي العجم وأهل الكتاب والمجوس تقبل منهم الجزية. وعند الشافعي: لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتاب والمجوس، دون مشركي العجم والعرب.
وهذا دليل على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ فإنهم لم يدعوا إلى حرب في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن بعد وفاته، وكيف يدعوهم رسول الله ﷺ مع قوله تعالى: ﴿فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾ [التوبة: ٨٣]؟ !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهذا دليل على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه): وتقريره: ما ذكره الإمام قال: الداعي في قوله: ﴿سَتُدْعَوْنَ إلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَاسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ لا يخلو من أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الأئمة الأربعة ومن بعدهم. لا يجوز الأول لقوله تعالى: ﴿لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ﴾ إلى قوله: ﴿سَتُدْعَوْنَ﴾ الآية، ولا علي رضي الله تعالى عنه، لأنه رضي الله عنه إنما قاتل البغاة والخوارج، وتلك المقاتلة للإسلام؛ ولما بطلت الأقسام تعين أن المراد بالداعي: أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ثم إنه تعالى أوجب طاعتهم، وأوعد على مخالفتهم بقوله: ﴿فَإن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وإن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.