[﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ ٢٦]
﴿إِذْ﴾ يجوز أن يعمل فيه ما قبله، أي: لعذبناهم، أو صدوهم عن المسجد الحرام في ذلك الوقت، وأن ينتصب بإضمار: اذكر.
والمراد بـ"حمية الذين كفروا" و"سكينة المؤمنين" -والحمية: الأنفة، والسكينة: الوقار-: ما روي: أنّ رسول الله ﷺ لما نزل بالحديبية، بعثت قريش سهيل بن عمرو القرشي، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص بن الأخيف، على أن يعرضوا على النبي ﷺ أن يرجع من عامه ذلك، على أن تخلي له قريش مكة من العام القابل ثلاثة أيام، ففعل ذلك، وكتبوا بينهم كتابًا، فقال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم"،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفسر "الرحمة" بالتوفيق، فتكون مراعاة جانب طائفة من المؤمنين والمؤمنات سببًا لمزيد التوفيق والخير والطاعة، وإذا قيد بالمشركين، فالوجه أن تفسير "الرحمة" بالإسلام، لأن المشركين إذا شاهدوا مراعاة المسلمين ورحمة الله في شأن طائفة من المؤمنين بأن منع من تعذيب أعداء الدين بعد الظفر بهم، لأجل اختلاطهم بهم، رغبوا في مثل هذا الدين والانخراط في زمرة المرحومين.
قوله: (أو صدوهم): عن بعضهم: الصواب: أو صدوكم، بل الأولى ذلك؛ لأن له وجهًا، أي: صد المشركون المسلمين إذ جعل.
قوله: (لما نزل بالحديبية، بعثت قريش) الحديث إلى آخره: قد ذكره الأئمة في أحاديث شتى بروايات مختلفة، ومضى شيء منه في هذا الكتاب.


الصفحة التالية
Icon