﴿ذلِكَ﴾ الوصف ﴿مَثَلُهُمْ﴾، أي: وصفهم العجيب الشأن في الكتابين جميعًا، ثم ابتدأ فقال: ﴿كَزَرْعٍ﴾ يريد: هم كزرع. وقيل: تم الكلام عند قوله: ﴿ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ﴾، ثم ابتدئ: ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ﴾، ويجوز أن يكون ﴿ذَلِكَ﴾ إشارة مبهمة أوضحت بقوله: ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾، كقوله: ﴿وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ﴾ [الحجر: ٦٦]. وقرئ: "الأنجيل" بفتح الهمزة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأرض، فمن يتوجه إليه بكليته_ كما قال: وجهت وجهي لله_ لا بد أن يظهر في وجهه نور تبهر منه الأنوار".
وروى السلمي عن عبد العزيز المكي: ليس هو النحولة والصفرة، ولكنه نور يظهر على وجوه العابدين، يبدو من باظنهم على ظاهرهم، يتبين ذلك للمؤمنين، ولو كان ذلك في زنجي أو حبشي.
وعن بعضهم: ترى على وجوههم هيبة لقرب عهدهم بمناجاه سيدهم، قال ابن عطاء: ترى عليهم خلع الأنوار لائحة، وقال عامر بن عبد القيس: كاد وجه المؤمن يخبر عن مكنون عمله، وكذلك وجه الكافر.
قوله: (وقيل: تم الكلام عند قوله) إلى آخره: وفي "المرشد": قال أبو حاتم: والتمام ﴿مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾ يعني: صفتهم ونعتهم، قال: ثم يبتدئ: ﴿ومَثَلُهُمْ فِي الإنجِيلِ كَزَرْعٍ﴾ جعل صفتهم في التوراة أنهم أشداء على الكفار، وصفتهم في الإنجيل أنهم كزرع أخرج شطأه فازره، وقد أجاز غيره أن يقول: ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ومَثَلُهُمْ فِي الإنجِيلِ كَزَرْعٍ﴾ كأنهم جعلوا مثلهم وصفتهم في التوراة والإنجيل شيئًا واحدًا.