﴿فَاسْتَغْلَظَ﴾ فصار من الدقة إلى الغلظ، ﴿فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ﴾ فاستقام على قصبه، جمع ساق. وقيل: مكتوب في الإنجيل: "سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر". وعن عكرمة: أخرج شطأه بأبي بكر، فآزره بعمر، فاستغلظ بعثمان، فاستوى على سوقه بعلي.
وهذا مثل ضربه الله لبدء أمر الإسلام وترقيه في الزيادة إلى أن قوى واستحكم، لأنّ النبي ﷺ قام وحده، ثم قوّاه الله بمن آمن معه، كما يقوي الطاقة الأولى من الزرع ما يحتف بها مما يتولد منها، حتى يعجب الزرّاع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراغب: "أصل الأزر: الإزار الذي هو اللباس، يقال: إزار وإزارة ومئزر، ويكنى بالإزار عن المرأة، وقوله تعالى: ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ [طه: ٣١]، أي: أتقوى به، والأزر: القوة الشديدة، وآزره: أعانه وقواه، وأصله من شد الإزار، يقال: آزرته فتأزر، أي: شددت أزره، وهو حسن الإزرة، وأزرت البناء وآزرته: قويت أسافله، وتأزر النبات: طال وقوي، وآزرته ووازرته: صرت وزيره، وأصله الواو".
قوله: (أخرج شطأه بأبي بكر): روى محيي السنة في "العالم" قريبًا منه، وروى قي "شرح السنة" عن مالك، وذكر بين يديه رجل ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ مالك هذه الآية: ﴿مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ والَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ﴾، ثم قال: "من أصبح من الناس في قلبه على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أصابته الآية".