ونظيرهما معنى ونقلًا: سلفه وأسلفه، وفي قوله: ﴿لا تُقَدِّمُوا﴾ من غير ذكر مفعول وجهان: أحدهما: أن يحذف ليتناول كل ما يقع في النفس مما يقدّم. والثاني: أن لا يقصد قصد مفعول ولا حذفه، ويتوجه بالنهى إلى نفس التقدمة، كأنه قيل: لا تقدموا على التلبس بهذا الفعل، ولا تجعلوه منكم بسبيل، كقوله: ﴿هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [غافر: ٦٨].
ويجوز أن يكون: من قدّم؛ بمعنى: تقدّم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (معنى ونقلًا): أما معنى: فلأن التسليف التقديم، ومنه السلفة_ بالضم_: ما يتعجله الرجل من الطعام قبل الغذاء، تقول منه: سلف الرجل تسليفًا، وأما نقلًا فهو قوله: سلفه وأسلفه، منقولان من: سلفه.
قوله: (أن يحذف ليتناول كل ما يقع في النفس مما يقدم): أي يترك مفعول ليعم تناوله، فإنه إذا ذكر قصر عليه.
قوله: (أن لا يقصد [قصد] مفعول ولا حذفه): أي: يقصد إلى نفس الفعل وحقيقته، نحو: "فلان يعطي ويمنع"، أي: يوجدهما ويفعل حقيقتهما إبهامًا للمبالغة، قال صاحب "التسير": أي: لا تقدموا قولًا ولا فعلًا على قول رسول الله ﷺ وفعله مما سبيله أن يؤخذ عنه من أمر الدين، بل انتظروا حكمه فيه، فإن حكمه حكم الله، لأنه لا يقضي إلا بأمر الله تعالى.
قوله: (كقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾): أي يوحدهما، ووجه المشابهة: أن الإحياء والإماته من شأن من اتصف بصفة الألوهية ومن مصححها، كذا من شأن من اتصف بصفة الإيمان، بل من شأن من يصدق ويقال في حقه: "الذين آمنوا": أن يجتنب التلبس بهذا الفعل.
قوله: (ويجوز أن يكون من: قدم؛ بمعنى: تقدم): أي: يكون لازمًا، الجوهري: "وقدم بين يديه، أي: تقدم، قال تعالى: ﴿لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ ".


الصفحة التالية
Icon