قولك: سرني زيد وحسن حاله، وأعجبت بعمرو وكرمه، وفائدة هذا الأسلوب: الدلالة على قوّة الاختصاص، ولما كان رسول الله ﷺ من الله بالمكان الذي لا يخفى، سلك به ذلك المسلك.
وفي هذا تمهيد وتوطئة لما نقم منهم فيما يتلوه من رفع أصواتهم فوق صوته، لأنّ من أحظاه الله بهذه الأثرة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجمل أولًا بقوله: ﴿لا تَرْفَعُوا﴾ [الحجرات: ٢]، وثانيًا بقوله: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ﴾ [الحجرات: ٤]، وثالثًا بقوله: ﴿إن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ﴾ [الحجرات: ٦]، ورابعًا بقوله: ﴿واعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ٧]، وعلل كل ذلك بقوله: ﴿لَعَنِتُّمْ ولَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيمَانَ﴾ [الحجرات: ٧].
ثم استطرد ما فيه بيان توخي حسن المعاشرة مع الأصحاب والإخوان، وإصلاح ذات البين، والتنزه عن الفرطات من التنابز والغيبة وغير ذلك.
ولما فرغ من بيان إيجاب التهيب لمجلس رسول الله ﷺ وإحلال جانبه، وشرح الصحبة مع الإخوان، شرع في بيان ما هم عليه من محافظة تقوى الله والإيمان والإسلام، وأعاد التنبيه، وأعلم المنادى بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى﴾ [الحجرات: ١٣] إلى آخر السورة.
قوله: (قولك: سرني زيد وحسن حاله): وعن بعضهم: الأصل أن بقول: سرني حسن حاله، وأعجبني كرمه خصوصًا، أي: له خصال محمودة كاملة، وهي معجبة لي، خصوصًا كرمه، ولكن أردت المبالغة، فذكرت اسمه اولًا.
قوله: (نقم منهم): الأساس: "نقمت منه كذا: أنكرته عليه وعبته، ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا﴾ [البروج: ٨].
قوله: (بهذه الأثرة): الأثرة: اسم الاستئثار.