الذي المحافظة عليه تعود عليهم بعظيم الجدوى في دينهم، وذلك أنّ في إعظام صاحب الشرع إعظام ما ورد به، ومستعظم الحق لا يدعه استعظامه أن يألو عملًا بما يحدوه عليه، وارتداعًا عما يصده عنه، وانتهاء إلى كل خير.
والمراد بقوله: ﴿لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾: أنه إذا نطق ونطقتم، فعليكم أن لا تبلغوا بأصواتكم وراء الحدّ الذي يبلغه بصوته،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين "ما أخذوا" بقوله: "من الأدب"؛ لأن المراد به التأدب الذي أدبهم الله في قوله: ﴿لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾، ولذلك كان "وما أخذوا" عطفًا تفسيريًا على "تأملهم"، فأراد بالأدب: التأدب؛ إطلاقًا للمسبب على السبب، أي: لا تغفلوا عن التأمل فيما أخذوا به في قوله: ﴿لا تُقَدِّمُوا﴾، لأن السابق بساط هذه الآية، ووطاء لذكرها، كما سيجيء.
قوله: (تعود عليهم بعظيم الجدوى): الأساس: "عاد علينا فلان بمعروفه، وما أكثر عائدة فلان على قومه".
قوله: (أن يألو عملًا): الجوهري: "ألا [الرجل] يألو، أي: قصر، وفلان لا يألوك نصحًا".
قوله: (يحدوه عليه): بالحاء المهملة، وروي بالجيم وليس بشيء؛ لقوله: "وارتداعًا عما يصده عنه". النهاية: "في حديث الدعاء: "لا تحدوني عليها خلة واحدة"، أي: لا تبغثني وتسوقني عليها خصلة واحدة، وهو من حدو الإبل، فإنه من بعث الأشياء على سوقها".
وتلخيصه: أنهم إذا تأدبوا بذلك الأدب وحفظوه، تكسبهم المحافظة عليه تعظيم دينهم، لأن في إعظام صاحب الشرع إعظام الدين، ومن يريد تعظيم دينه لا يخليه ذلك التعظيم أن يقصر في عمل يبعثه ويسوقه إلى الاستعظام، ولا يقصر أيضًا في ارتداع ما يمنعه عن الاستعظام، ولا يقصر أيضًا في أن ينتهي إلى كل خير لأجل ذلك الاستعظام.