ولم يتناول النهي أيضًا رفع الصوت الذي لا يتأذى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما كان منهم في حرب، أو مجادلة معاند، أو إرهاب عدوّ، أو ما أشبه ذلك، ففي الحديث: أنه قال عليه الصلاة والسلام للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين: «اصرخ بالناس»، وكان العباس أجهر الناس صوتًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والحاصل: أن النهي تناول الصوت الذي يتأذى به الرسول صلى الله عليه وسلم، وقوله: "والمسموع من جرسه" زيادة وبيان.
الأساس: "ما سمعناه له جرسًا ولا همسًا، وهو الخفي من الصوت، وجرس الكلام: نغم به، والحروف كلها مجروسة إلا أحرف اللين".
"إلى حد يميل به": "يميل به" صفة "حد"، وضمير الفاعل يعود عليه، والضمير في "به" عائد إلى "الصوت"، وفاعل "يستبين": "المأمور به"، والضمير في "فيه" عائد إلى "ما"، و"من التعزير" بيان المأمور به، أي: فيتكلف المكلف رد الصوت إلى حد يميل به إلى ما يظهر فيه التوقير المأمور به.
قوله: (قال ﷺ للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس: "اصرخ بالناس"): روى مسلم عن العباس قال: "شهدت مع رسول الله ﷺ يوم حنين، ولزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه"، وساق الحديث إلى قوله: "ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله ﷺ يركض على بغلته قبل الكفار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عباس، ناد أصحاب السمرة، فقال عباس_ وكان رجلًا صيتًا_: قفلت بأعلى صوتي: أين أحصاب السمرة، قال: فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا بصوتي عطفة البقر على أولادها" الحديث وكنية العباس في "الاستيعاب" و"الجامع": أبو الفضل.


الصفحة التالية
Icon