تخيلًا أن يكون ما دون الشديد مسوغًا لهم، ولكن المعنى: نهيهم عما كانوا عليه من الجلبة، واستجفاؤهم فيما كانوا يفعلون.
وعن ابن عباس: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وكان في أذنه وقر، وكان جهوري الصوت، فكان إذا تكلم رفع صوته، وربما كان يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتأذى بصوته. وعن أنس: أن هذه الآية لما نزلت فقد ثابت، فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبر بشأنه، فدعاه، فسأله، فقال: يا رسول الله، لقد أنزلت إليك هذه الآية، وإني رجل جهير الصوت، فأخاف أن يكون عملي قد حبط، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لست هناك، إنك تعيش بخير، وتموت بخير، وإنك من أهل الجنة".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبالغة؛ لأنها مثل التشديد في "رفعت"، وهو للمبالغة، فدل دليل الخطاب على جواز رفع الصوت دون الشديد لكن الآية نازلة في شأن قوم لهم الجلبة والاستجفاء والغلظة، ونهيهم عما كانوا عليه، نحوه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَاكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: ١٣٠].
قوله: (في ثابت بن قيس): روى البخاري ومسلم عن أنس: لما نزلت هذه الآية جلس ثابت بن قيس في بيته، وقال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل النبي ﷺ سعد بن معاذ، فقال: "يا أبا عمرو، ما شأن ثابت؟ أشتكى؟ " قال سعد: إنه جاري، وما علمت له بشكوى، فأتاه سعد، فقال: أنزلت هذه الآية، ولقد علمتم أني أرفعكم صوتًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل هو من أهل الجنة".
قوله: (لست هناك): كناية عن نزاهته عما ظن في نفسه.