والحبوط: من: حبطت الإبل: إذا أكلت الخضر فنفخ بطونها، وربما هلكت، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «وإن مما ينبت الربيع لما يقتل حبطًا، أو يلم»،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه الفاء عند البصريين تنصب بإضمار "أن" بشرطين: أحدهما: السببية، والثاني: أن يكون قبلها أمر أو نهي أو استفهام أو نفي أو تمن أو ترج، وهي في الحقيقة عاطفة ما بعدها بتأويل المصدر على مصدر ما قبلها، فيقدر فيه "أن" لتعذر غيرها، لا أنها ناصبة بنفسها.
ثم قوله: ﴿وأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ تتميم للمعنى، وإعلام بأن النبي ﷺ ينبغي أن يجل ويعظم غاية الإجلال والإعظام، وأنه قد يفعل الشيء مما لا يشعر به في أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك مهلكًا لفاعله وقائله، ولذلك قال بعض الفقهاء: من لم يحتشم في كلامه بحضرة الرسالة، وبدر منه ما ينبئ عن أدنى نقص، وجب قتله. وهو مذهب مالك وأصحابه، رضي الله عنهم.
قوله: (وإن مما ينبت الربيع): روينا عن البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد قال: "جلس رسول الله ﷺ على المنبر، فقال: أن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها، فقال رجل: أو يأتي الخير بالشر يا رسول الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأينا أنه ينزل عليه، فأفاق يسمح عنه الرخصاء"، وفي رواية: "أين السائل آنفًا؟ أن الخير لا يأتي إلا الخير، وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا أو يلم، إلا آكلة الخضر، فإنها أكلت، حتى إذا امتد خاصر تاها استقبلت عين الشمس، فثلطت ومالت، ثم رتعت، وإن هذا المال خضر حلو، ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل _أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن من يأخذه بغير حقه، كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة".


الصفحة التالية
Icon