والامتحان: افتعال؛ من: محنه، وهو اختبار بليغ أو بلاء جهيد، قال أبو عمرو: كل شيء جهدته فقد محنته، وأنشد:
أتت رذايا باديًا كلالها.... قد محنت واضطربت آطالها
قيل: أنزلت في الشيخين رضي الله عنهما، لما كان منهما من غض الصوت والبلوغ به أخا السرار.
وهذه الآية -بنظمها الذي رتبت عليه؛ من إيقاع الغاضين أصواتهم اسمًا لـ"إنّ" المؤكدة، وتصيير خبرها جملة من مبتدأ وخبر معرفتين معًا؛ والمبتدأ: اسم الإشارة، واستئناف الجملة المستودعة ما هو جزاؤهم على عملهم، وإيراد الجزاء نكرة مبهمًا أمره -ناظرة في الدلالة على غاية الاعتداد والارتضاء لما فعل الذين وقروا رسول الله ﷺ من خفض أصواتهم، وفي الإعلام بمبلغ عزة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدر شرف منزلته، وفيها تعريض بعظيم ما ارتكب الرافعون أصواتهم، واستيجابهم ضد ما استوجب هؤلاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اختصوا به؛ لأته تعالى هو الذي أدبهم بإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنزال الكتاب والحكمة، حتى هذبوا هذا التهذيب.
قوله: (أتت رذايا) البيت: الرذية: الناقة المهزولة من السير، والجميع: الرذايا، والمذكر: رذي، و"الإطل": الخاصرة، والجمع: الآطال.
قوله: (وهذه الآية): يعنى قوله: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ﴾، فقوله: "هذه الآية" مبتدأ موصوف، والخبر قوله: "ناظرة"، و"بنظمها" متعلق بـ"ناظرة"، أي: هذه الآية دالة بواسطة نظمها على غاية الاعتداد. وفي تلك القيود التي ذكرها إشارة إلى خواص تضمنها التركيبان.


الصفحة التالية
Icon